العلاج بالاشعة الداخليه هو تقنية علاجية متطورة تُعرف أيضًا باسم المعالجة الكثبية (Brachytherapy)، وتعد إحدى أكثر الطرق فعالية ودقة في علاج الأورام السرطانية. يعتمد هذا الأسلوب على وضع مصدر مشع داخل جسم المريض، إما داخل الورم نفسه أو بالقرب منه مباشرةً. يتيح ذلك إيصال جرعة عالية من الإشعاع مباشرةً إلى الخلايا السرطانية مع تقليل التعرض للإشعاع على الأنسجة السليمة المحيطة، مما يجعل العلاج أكثر فعالية وسلامة.
تُعد هذه التقنية خيارًا علاجيًا مفضلاً في كثير من الحالات، خاصةً للأورام الموضعية التي لم تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. كما يمكن استخدامها كعلاج أساسي أو بالاشتراك مع طرق أخرى مثل العلاج الإشعاعي الخارجي أو العلاج الكيميائي، لزيادة فرص الشفاء وتحسين نتائج العلاج. وقد أحدث هذا التطور نقلة نوعية في علاج العديد من أنواع السرطان، خاصةً تلك التي تتطلب دقة متناهية في توجيه الإشعاع.
أنواع العلاج بالإشعاع الداخلي وآلية عمله
تتنوع طرق العلاج بالإشعاع الداخلي حسب نوع السرطان وموقعه، وتشمل أنواعًا رئيسية يمكن تصنيفها كما يلي:
- العلاج الكثبي (Brachytherapy):
- العلاج الكثبي عالي الجرعة (HDR): يتم فيه وضع المصدر المشع داخل الورم لفترة قصيرة (عادةً بضع دقائق) في جلسات متعددة. يتم إزالة المصدر المشع بعد كل جلسة.
- العلاج الكثبي منخفض الجرعة (LDR): يتضمن وضع المصدر المشع (مثل الحبيبات المشعة) داخل الورم بشكل دائم. يتم إطلاق الإشعاع ببطء على مدى عدة أشهر حتى يضعف المصدر تلقائيًا.
- الانصمام الإشعاعي (Radioembolization):
- تُستخدم هذه التقنية في علاج أورام الكبد، حيث يتم حقن حبيبات مشعة صغيرة جدًا (مثل Yttrium-90) عبر قسطرة في الشريان المغذي للورم. تعمل هذه الحبيبات على تدمير الخلايا السرطانية من الداخل مع قطع إمداد الدم عن الورم.
مميزات العلاج بالإشعاع الداخلي
يقدم العلاج بالإشعاع الداخلي العديد من المزايا التي تجعله خيارًا علاجيًا فعالًا ومناسبًا للعديد من المرضى:
- دقة الاستهداف: يسمح وضع المصدر المشع داخل الورم بإيصال جرعة إشعاعية عالية ومكثفة مباشرةً إلى الخلايا السرطانية، مما يزيد من فرص القضاء عليها.
- حماية الأنسجة السليمة: بما أن الإشعاع يتم إطلاقه من داخل الورم، فإن تأثيره على الأنسجة والأعضاء السليمة المحيطة يكون ضئيلًا للغاية مقارنةً بالعلاج الإشعاعي الخارجي.
- فترة علاج أقصر: يمكن إكمال جلسات العلاج الكثبي في فترة زمنية قصيرة، تتراوح من بضعة أيام إلى أسابيع قليلة، مما يقلل من العبء النفسي والجسدي على المريض.
- مناسب للحالات الموضعية: يُعد هذا العلاج خيارًا مثاليًا للأورام التي لم تنتشر، مثل سرطان البروستاتا، وسرطان الثدي، وعنق الرحم، حيث يمكن إيصال العلاج إلى المنطقة المصابة بدقة.
- تقليل الآثار الجانبية: بشكل عام، تكون الآثار الجانبية للعلاج بالإشعاع الداخلي أقل حدة وأكثر قابلية للإدارة مقارنةً بأساليب العلاج الأخرى.
في الختام، يمثل العلاج بالاشعة الداخليه قفزة نوعية في مجال علاج الأورام، حيث يجمع بين الدقة العالية والفعالية لتقديم حلول علاجية مبتكرة وفعالة. ومع استمرار التطورات التكنولوجية في هذا المجال، يتوقع أن يصبح هذا الأسلوب أكثر انتشارًا، ليساهم في تحسين نتائج العلاج وزيادة معدلات الشفاء للمرضى في جميع أنحاء العالم.