الحول، أو انحراف العين، هو حالة لا تتوازى فيها العينان بشكل صحيح، فتبدو كل عين وكأنها تنظر في اتجاه مختلف. قد يكون الحول واضحًا أحيانًا، وقد يكون خفيًا لا يظهر إلا في أوقات معينة. عند الرضع، قد يثير ظهور الحول قلق الوالدين، فمتى يكون هذا الانحراف طبيعيًا، ومتى يستدعي التدخل الطبي؟
هل الحول طبيعي في الأشهر الأولى؟
من الطبيعي أن تلاحظ الأم بعض الانحراف في عيني رضيعها خلال الأشهر القليلة الأولى من عمره. ففي هذه المرحلة، لا يزال الجهاز البصري للطفل في طور النمو، وتكون عضلات العين غير متناسقة تمامًا بعد. يمكن أن تظهر العينان وكأنهما تنظران إلى الداخل (حول أنسي) أو إلى الخارج (حول وحشي) بشكل عابر ومتقطع.
يوضح الدكتور نادر ممتاز، استشاري طب وجراحة العيون، هذه النقطة بقوله: "في الرضع حديثي الولادة وحتى عمر 3-4 أشهر، قد يكون هناك انحراف بسيط ومتقطع في العينين. هذا غالبًا ما يكون طبيعيًا ويزول تلقائيًا مع تطور التنسيق بين العينين. ولكن، إذا كان الانحراف ثابتًا وموجودًا طوال الوقت، أو إذا استمر بعد عمر الأربعة أشهر، فيجب مراجعة طبيب العيون."
متى يستدعي الحول التدخل الطبي؟
هناك علامات معينة يجب أن ينتبه إليها الوالدان وتستدعي زيارة طبيب العيون فورًا، حتى لو كان الرضيع أصغر من 4 أشهر:
- الحول الثابت: إذا كانت إحدى العينين أو كلتاهما تنحرف بشكل دائم وواضح في اتجاه معين.
- الحول بعد عمر 4 أشهر: إذا استمر انحراف العين أو بدأ يظهر بعد هذا العمر.
- الحول الواضح والكبير: إذا كان الانحراف شديدًا وواضحًا للعيان.
- عدم تتبع الطفل للأشياء: إذا كان الطفل لا يتبع الأجسام بعينيه بشكل طبيعي.
- وجود تاريخ عائلي للحول أو أمراض العيون: يزيد هذا العامل من احتمالية الحاجة إلى الفحص المبكر.
لماذا يعتبر علاج الحول المبكر مهمًا؟
يشدد الدكتور نادر ممتاز على أهمية التشخيص والعلاج المبكر للحول: "الحول ليس مجرد مشكلة جمالية، بل هو مشكلة وظيفية تؤثر على تطور الرؤية. إذا تُرك الحول دون علاج، يمكن أن يؤدي إلى ما يعرف بالكسل البصري (Amblyopia) في العين المنحرفة، حيث يتجاهل الدماغ الصور الواردة من هذه العين، مما يؤدي إلى ضعف دائم في الرؤية حتى مع تصحيح الحول لاحقًا."
يهدف علاج الحول عند الرضع إلى تصحيح الانحراف وتحقيق أفضل رؤية ممكنة في كلتا العينين. قد تشمل طرق العلاج:
- النظارات الطبية: في بعض الحالات، خاصةً الحول الناتج عن أخطاء انكسارية مثل طول النظر.
- تغطية العين السليمة: لتشجيع العين الكسولة (المنحرفة) على العمل وتقوية بصرها.
- التمارين البصرية: لتقوية عضلات العين.
- الجراحة: في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى أو عندما يكون الانحراف شديدًا، يتم إجراء جراحة بسيطة على عضلات العين لتصحيح المحاذاة.
باختصار، بينما قد يكون الانحراف العابر في عيني الرضيع طبيعيًا في الأشهر الأولى، فإن أي انحراف ثابت أو مستمر بعد 4 أشهر يستدعي الفحص الطبي العاجل للحفاظ على صحة وسلامة بصر طفلك.