الحول، أو انحراف العين، هو حالة لا تتوازى فيها العينان بشكل صحيح، مما يؤدي إلى أن تبدو كل عين وكأنها تنظر في اتجاه مختلف. يعتبر الحول عند الأطفال مشكلة شائعة نسبيًا، وفهم أسبابه ضروري للتشخيص المبكر والعلاج الفعال. لا يقتصر الحول على كونه مشكلة تجميلية، بل يمكن أن يؤثر بشكل كبير على تطور الرؤية إذا تُرك دون علاج.
أسباب الحول الرئيسية
يوضح الدكتور نادر ممتاز، استشاري طب وجراحة العيون، أن أسباب الحول عند الأطفال متعددة وتتراوح بين عوامل وراثية ومشاكل في التحكم العضلي أو الرؤية. ويضيف: "في كثير من الحالات، يكون الحول ناتجًا عن خلل في التوازن بين العضلات التي تتحكم في حركة العين، أو مشكلة في قدرة الدماغ على دمج الصور الواردة من كلتا العينين."
إليك أبرز الأسباب:
- مشاكل في عضلات العين:كل عين لديها ست عضلات تتحكم في حركتها. يجب أن تعمل هذه العضلات بتناسق تام للسماح للعينين بالتحرك معًا في نفس الاتجاه. إذا كانت إحدى هذه العضلات ضعيفة، أو قوية جدًا، أو لا تعمل بشكل صحيح، فقد يؤدي ذلك إلى انحراف العين. في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الخلل في التنسيق العصبي الذي يرسل الإشارات إلى هذه العضلات.
- الأخطاء الانكسارية غير المصححة:يُعد طول النظر الشديد أحد الأسباب الشائعة للحول، خاصةً الحول الأنسي (اتجاه العين للداخل). عندما يعاني الطفل من طول نظر غير مصحح، تحاول العينان التركيز بقوة أكبر لرؤية الأشياء بوضوح. هذا الجهد المفرط في التركيز يمكن أن يؤدي إلى انحراف العين للداخل. قصر النظر أو الاستجماتيزم الشديد يمكن أن يسببا الحول أيضًا، لكنهما أقل شيوعًا.
- ضعف الرؤية في إحدى العينين:إذا كانت إحدى العينين تعاني من ضعف شديد في الرؤية لأي سبب (مثل إعتام عدسة العين الخلقي، أو مشاكل في الشبكية، أو كسل العين الشديد)، فقد يؤدي الدماغ إلى "تجاهل" هذه العين، مما يجعلها تنحرف عن محاذاة العين السليمة. هذا يسلط الضوء على أهمية الكشف المبكر عن أي مشاكل بصرية أخرى.
- العوامل الوراثية والتاريخ العائلي:يزداد خطر إصابة الطفل بالحول إذا كان هناك تاريخ عائلي للحول أو أمراض العيون الأخرى. هذا يشير إلى وجود استعداد وراثي في بعض الحالات.
- أمراض أخرى:في حالات نادرة، يمكن أن يكون الحول علامة على حالات طبية أخرى أكثر خطورة مثل:
- متلازمة داون.
- الشلل الدماغي.
- الولادة المبكرة.
- الأورام داخل العين (نادرًا جدًا).
أهمية التشخيص والعلاج المبكر
يؤكد الدكتور نادر ممتاز بشدة على أن: "التشخيص المبكر للحول والعلاج الفوري أمران حاسمان لمنع المضاعفات الخطيرة مثل الكسل البصري (Amblyopia)، حيث يفقد الدماغ القدرة على استخدام العين المنحرفة، مما يؤدي إلى ضعف دائم في الرؤية حتى لو تم تصحيح الحول لاحقًا."
إذا لاحظت أي انحراف في عيني طفلك بعد عمر 4 أشهر، أو كان الانحراف ثابتًا وموجودًا طوال الوقت، فمن الضروري استشارة طبيب العيون في أقرب وقت ممكن. يمكن أن تشمل خطة العلاج النظارات، أو تغطية العين السليمة، أو التمارين البصرية، أو الجراحة، ويهدف كل ذلك إلى تحقيق أفضل تطور بصري لطفلك.
