تُعرف الجلوكوما، أو ما يُسمى بـ"المياه الزرقاء"، بأنها مجموعة من أمراض العين التي تُسبب تلفًا تدريجيًا في العصب البصري. هذا العصب هو المسؤول عن نقل المعلومات البصرية من العين إلى الدماغ. غالبًا ما يرتبط هذا التلف بارتفاع الضغط داخل العين، ولكن يمكن أن يحدث أيضًا حتى مع ضغط العين الطبيعي. تُعد الجلوكوما من الأسباب الرئيسية للعمى الدائم حول العالم، وتكمن خطورتها في طبيعتها الصامتة.
أعراض الجلوكوما: لماذا تُعرف بـ"سارق البصر الصامت"؟
إن أخطر ما في الجلوكوما هو أنها غالبًا ما لا تُظهر أي أعراض واضحة في مراحلها المبكرة. هذا ما يجعلها "سارق البصر الصامت"، حيث يتلف العصب البصري ببطء دون أن يلاحظ المريض أي تغيير في رؤيته حتى يصل الضرر إلى مرحلة متقدمة.
مع تطور المرض، قد تبدأ الأعراض في الظهور تدريجيًا:
- فقدان الرؤية المحيطية (الطرفية): هذا هو العرض الأكثر شيوعًا في البداية. قد لا يلاحظ الشخص هذا الفقدان إلا عندما يصبح كبيرًا، حيث يعتمد الدماغ على الرؤية المركزية. يشعر المريض وكأنه يرى من خلال "نفق".
- رؤية هالات حول الأضواء: خاصة في الليل.
- ألم خفيف أو إحساس بعدم الراحة في العين: قد يحدث هذا في بعض أنواع الجلوكوما.
- احمرار في العين.
- صداع خفيف.
- رؤية ضبابية أو غير واضحة.
في حالات نادرة، مثل الجلوكوما حادة الزاوية (Acute Angle-Closure Glaucoma)، قد تظهر الأعراض بشكل مفاجئ وشديد، وتُعتبر حالة طارئة تتطلب رعاية طبية فورية. تشمل هذه الأعراض:
- ألم شديد ومفاجئ في العين.
- احمرار شديد في العين.
- غثيان وقيء.
- رؤية هالات حول الأضواء.
- رؤية ضبابية مفاجئة أو فقدان مفاجئ للبصر.
أهمية الكشف المبكر والوقاية
يُشدد الدكتور نادر ممتاز، أستاذ طب وجراحة العيون، على أهمية الفحوصات الدورية للعين، خاصة لمن هم فوق سن الأربعين أو الذين لديهم عوامل خطر. يقول الدكتور ممتاز: "الفحص الشامل للعين، والذي يتضمن قياس ضغط العين وفحص العصب البصري، هو الطريقة الوحيدة للكشف عن الجلوكوما في مراحلها المبكرة، حتى قبل ظهور أي أعراض. الكشف المبكر والعلاج الفوري يمكن أن يحميا بصر المريض من التلف الدائم."
تشمل عوامل الخطر التي تستدعي فحوصات أكثر انتظامًا:
- التاريخ العائلي للجلوكوما.
- التقدم في العمر.
- الإصابة بمرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم.
- استخدام بعض الأدوية، مثل الكورتيزون لفترات طويلة.
- أصول عرقية معينة (مثل الأفارقة، الأمريكيين من أصل إسباني).
العلاج
بمجرد تشخيص الجلوكوما، يهدف العلاج إلى خفض ضغط العين لمنع المزيد من التلف للعصب البصري. لا يمكن إصلاح التلف الذي حدث بالفعل، ولكن العلاج يمكن أن يُبطئ أو يُوقف تقدم المرض. تشمل خيارات العلاج:
- قطرات العين: تُستخدم لتقليل إنتاج السائل داخل العين أو زيادة تصريفه.
- العلاج بالليزر: يُستخدم لتحسين تصريف السائل من العين.
- الجراحة: في بعض الحالات، قد تكون الجراحة ضرورية لإنشاء مسار جديد لتصريف السائل من العين.
في الختام، لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية الوعي بأعراض الجلوكوما، حتى وإن كانت صامتة، وأهمية الفحوصات الدورية للعين. إنها خطوتك الأولى للحفاظ على أغلى ما تملك: بصرك. هل لديك أي استفسارات أخرى حول الجلوكوما؟
