الحول عند الأطفال، أو ما يُعرف بالإنجليزية باسم "Strabismus"، هو حالة شائعة تفقد فيها العينان محاذاتهما الصحيحة، مما يؤدي إلى انحراف إحدى العينين أو كلتيهما. بينما قد يكون الحول مؤقتًا وطبيعيًا في الأشهر القليلة الأولى من عمر الرضيع، فإن استمراره أو ظهوره الواضح يستدعي التدخل الطبي العاجل. يهدف علاج الحول إلى استعادة التناسق بين العينين وتحسين الرؤية، والأهم من ذلك، منع تطور مضاعفات خطيرة مثل "العين الكسولة" أو الغمش.
أهداف العلاج
الهدف الرئيسي من علاج الحول هو:
- تحسين محاذاة العينين: بحيث تعملان معًا بشكل متناسق.
- استعادة الرؤية الثنائية (Binocular Vision): القدرة على استخدام كلتا العينين معًا لإنشاء صورة واحدة ثلاثية الأبعاد.
- منع أو علاج الغمش (Amblyopia): وهي حالة تفقد فيها العين المنحرفة قدرتها على الرؤية بشكل واضح لأن الدماغ يبدأ في تجاهل الإشارات القادمة منها.
- تحسين المظهر الجمالي: على الرغم من أنه ليس الهدف الأساسي، إلا أنه مهم للجانب النفسي للطفل.
خيارات العلاج الرئيسية
تتنوع طرق علاج الحول وتعتمد على نوع الحول، سببه، وعمر الطفل، وشدة الحالة. يُحدد طبيب العيون الخطة العلاجية الأنسب:
- النظارات الطبية:تُعد النظارات الطبية خط العلاج الأول في العديد من حالات الحول، خاصة تلك المرتبطة بأخطاء الانكسار مثل طول النظر الشديد. تعمل النظارات على تصحيح الخطأ الانكساري، مما يُقلل من الجهد الذي تبذله العين للمحاذاة ويساعد على استقامتها. في بعض الحالات، تكون النظارات هي العلاج الوحيد اللازم.
- لصقة العين (Occlusion Therapy / Patching):إذا كان الحول قد أدى إلى تطور الغمش (العين الكسولة)، تُستخدم لصقة العين لتغطية العين الأقوى (أو العين ذات الرؤية الأفضل) لفترة معينة من اليوم. هذا يجبر الدماغ على استخدام العين الأضعف (العين المصابة بالغمش)، مما يُحفزها على التطور ويُحسن من حدة بصرها. يجب الالتزام بمدة وضع اللصقة التي يحددها الطبيب للحصول على أفضل النتائج.
- قطرات العين:في بعض الحالات، يمكن استخدام قطرات عين معينة (مثل الأتروبين) في العين الأقوى لتعكير رؤيتها مؤقتًا، وبالتالي تحفيز العين الأضعف على العمل، بنفس مبدأ لصقة العين.
- التمارين البصرية (Vision Therapy):قد يوصى بتمارين العين لتقوية عضلات معينة أو لتحسين التنسيق بين العينين، خاصة في حالات الحول المتقطع أو في مراحل التعافي بعد الجراحة.
- الجراحة:في العديد من الحالات، تكون الجراحة ضرورية لتصحيح الحول، خاصة إذا لم تستجب الحالة للعلاجات الأخرى. تُجرى جراحة الحول لتقوية أو إضعاف عضلات العين لتغيير محاذاتها. يتم تحديد العضلات التي تحتاج إلى تعديل بناءً على نوع واتجاه الحول.
- كيف تُجرى الجراحة؟ يقوم الجراح بإجراء شقوق صغيرة في الطبقة الخارجية من العين للوصول إلى عضلات العين. ثم يقوم بتقصير أو إطالة أو تغيير موضع هذه العضلات. عادة ما تكون الجراحة آمنة وفعالة، وتُجرى غالبًا كإجراء خارجي.
رأي الدكتور نادر ممتاز
يُشدد الدكتور نادر ممتاز، أستاذ طب وجراحة العيون، على أن "التدخل المبكر هو مفتاح النجاح في علاج الحول عند الأطفال. كلما تم تشخيص وعلاج الحول في سن مبكرة، قبل أن يتجاوز الطفل سن الثامنة أو التاسعة، زادت فرص استعادة الرؤية الكاملة والتناسق البصري." ويضيف الدكتور ممتاز: "يجب على الآباء والأمهات عدم التردد في استشارة طبيب عيون الأطفال فور ملاحظة أي انحراف في عيني الطفل، فكل يوم يمر يمكن أن يؤثر على تطور الرؤية لديه."
المتابعة بعد العلاج
بعد أي شكل من أشكال العلاج، تُعد المتابعة المنتظمة مع طبيب العيون ضرورية لضمان استقرار الحالة، ورصد أي عودة للحول، وضبط خطة العلاج إذا لزم الأمر. قد تستمر هذه المتابعة لعدة سنوات.
باختصار، على الرغم من أن الحول قد يبدو مصدر قلق، إلا أن التقدم في مجال طب عيون الأطفال يوفر خيارات علاجية فعالة يمكن أن تُمكن الأطفال من التمتع برؤية طبيعية وحياة صحية.