يُعد الحول، أو عدم تناسق محاذاة العينين، مشكلة بصرية تؤثر على التنسيق بين العينين وقدرتهما على العمل معًا. بينما تُعد الجراحة التقليدية لعضلات العين هي الخيار الأكثر شيوعًا وفعالية في علاج الحول، فإن السؤال حول إمكانية علاج الحول بالليزر يتردد كثيرًا. من المهم فهم متى يمكن أن يكون الليزر خيارًا، وما هي حدوده في هذا السياق.
الليزر وتصحيح الإبصار: لا يُعالج الحول مباشرة
اللبس الشائع يأتي من أن الليزر يُستخدم بكثرة في تصحيح عيوب الإبصار مثل قصر النظر، طول النظر، والاستجماتيزم (عمليات الليزك والفيمتو ليزك). في هذه العمليات، يعمل الليزر على إعادة تشكيل قرنية العين لتصحيح طريقة تركيز الضوء على الشبكية، وبالتالي تحسين حدة الإبصار.
ولكن، الليزر لا يُستخدم بشكل مباشر لإعادة محاذاة عضلات العين أو تغيير موضعها، وهو ما تتطلبه جراحة الحول التقليدية. الحول ينجم عادة عن خلل في توازن عضلات العين الخارجية التي تُحرك مقلة العين، أو عن مشكلات في الأعصاب التي تُغذي هذه العضلات، أو في الدماغ الذي يُنسق حركاتها. جراحة الحول التقليدية تتضمن تقوية أو إضعاف هذه العضلات عن طريق تعديل طولها أو موضع ارتكازها على العين.
متى يمكن أن يكون لليزر دور غير مباشر في علاج الحول؟
على الرغم من أن الليزر لا يُعالج الحول مباشرة، إلا أنه يمكن أن يلعب دورًا غير مباشر في بعض الحالات:
- تصحيح الأخطاء الانكسارية المصاحبة للحول:يُشير الدكتور نادر ممتاز، أستاذ طب وجراحة العيون، إلى أن "العديد من حالات الحول، خاصة عند الأطفال، تكون مرتبطة بأخطاء انكسارية كبيرة مثل طول النظر الشديد أو الاستجماتيزم." يوضح الدكتور ممتاز: "في هذه الحالات، قد تُسبب العين جهدًا كبيرًا للتركيز، مما يؤدي إلى انحرافها."في هذه الظروف، قد يُساعد تصحيح الخطأ الانكساري بالليزر (الليزك) بعد استقرار الحالة (خاصة لدى البالغين)، أو بالنظارات الطبية (الأكثر شيوعًا للأطفال)، على تقليل الحول أو السيطرة عليه، خاصة إذا كان الحول من النوع التكيفي. ومع ذلك، هذا ليس علاجًا مباشرًا للحول، بل هو معالجة لسببه المساعد.
- بعد جراحة الحول التقليدية:في بعض الأحيان، بعد إجراء جراحة الحول التقليدية، قد يتبقى لدى المريض خطأ انكساري (قصر نظر، طول نظر، استجماتيزم) يؤثر على وضوح الرؤية. هنا، يمكن استخدام الليزر (الليزك) بعد فترة من التعافي لـتحسين حدة البصر، وليس لتصحيح الحول نفسه.
خيارات العلاج الرئيسية للحول
كما ذكرنا، فإن العلاج الأساسي للحول لا يعتمد على الليزر المباشر، ويشمل:
- النظارات الطبية: لتصحيح الأخطاء الانكسارية المصاحبة التي قد تُسبب الحول.
- لصقة العين أو قطرات العين: لعلاج الغمش (العين الكسولة) الذي قد ينجم عن الحول، وذلك بتحفيز العين المنحرفة على العمل.
- التمارين البصرية: لتقوية عضلات العين وتحسين التنسيق في بعض أنواع الحول.
- الجراحة التقليدية لعضلات العين: تُعد هذه الجراحة هي العلاج الأساسي للحول. يتم فيها تعديل قوة أو موضع عضلات العين الخارجية لإعادة محاذاتها.
الخلاصة
يؤكد الدكتور نادر ممتاز على أن "الفحص الشامل والدقيق بواسطة طبيب العيون المتخصص هو وحده القادر على تحديد سبب الحول واختيار خطة العلاج الأنسب. الليزر ليس بديلًا عن جراحة الحول التقليدية، ولكنه قد يكون أداة مساعدة في تحسين حدة البصر المرتبطة بأخطاء الانكسار في بعض الحالات."
لذلك، إذا كنت تُعاني أنت أو طفلك من الحول، فمن الضروري استشارة طبيب العيون المختص لتقييم الحالة وتحديد أفضل مسار علاجي.
